رحلة التميز من أعماق جبال السلفادور إلى قمة عالم القهوة
(Cup of Excellence) حيث تولد نخبة القهوة في عالم القهوة المختصة، هي منصة واحدة تمنح المزارعين فرصة لإثبات أن حبوبهم ليست كأي حبوب، بل مميزة على مستوى العالم، المسابقة التي تُعرف بأنها "الأوسكار" في عالم القهوة، وحلم كل مزارع يسعى للوصول إلى القمة
كل عام، يُقدم مزارعي القهوة محاصيلهم من كل أنحاء العالم للمشاركة، تبدأ الرحلة بانتقاء القهوة بعناية فائقة، حيث يتم اختبار كل دفعة وفق معايير صارمة تشمل النكهة، التوازن، الجسم، الحموضة، واللمسات النهائية.
القهوة التي تُظهر تميزًا حقيقيًا وتفوقًا على المعايير تُختار للتصفيات النهائية، لكن التحدي الحقيقي يبدأ عندما تصل هذه المحاصيل إلى طاولة التذوق، هناك، تُختبر الحبوب على عدة جولات من قبل لجنة تحكيم دولية، تضم نخبة من خبراء القهوة المعتمدين من جميع أنحاء العالم.
فقط القهوة التي تتجاوز درجة 85 نقطة على مقياس من 100 نقطة يمكنها أن تُحقق مكانًا في النهائيات، تلك الدرجات ليست مجرد أرقام؛ إنها شهادة بأن القهوة ليست فقط جيدة، بل من الدرجة المختصة عالميًا.
بعد التقييم النهائي، تُعلن النتائج، وتُصبح القهوة الفائزة حديث العالم. القهوة التي تحقق المراكز الأولى تُطرح في مزادات عالمية، حيث يتنافس المشترون للحصول عليها. أسعارها ترتفع بشكل مذهل، كدليل على التقدير العالمي للجهد والجودة.
كان كأس النخبة أكثر من مجرد منصة؛ كان رحلة إثبات لجودتها، في عام 2014، حققت سانتا روزا المركز الأول لأول مرة بدرجة 91.41، ومنذ ذلك الحين، أصبحت جزءًا ثابتًا من قائمة الفائزين، على مدار عقد كامل، أثبتت المزرعة أنها ليست مجرد مزرعة قهوة، بل رمزٌ للجودة التي تلامس حدود الكمال.
بدأت القصة في أواخر سبعينيات القرن الماضي، عندما غرس خورخي راؤول ريفيرا بذور الطموح وسط تحديات الحرب الأهلية، كان التحدي الأول شق طريق الحلم عبر أرض وعرة وغير مهيأة، ولكن مع الصمود والشغف، تحولت تلك الأرض إلى مزرعة استثنائية، غُرست فيها أشجار سلالة باكامارا المعروف بجودته، وهو من أكثر السلالات شهرة وتميزًا في عالم القهوة المختصة، نشأت هذه السلالة من تهجين نوعين استثنائيين، (Maragogipe) المعروف بحجم حبته الكبير، وبوربون (Pacas) المميز بجودته العالية، تم تطويرها لأول مرة في السلفادور عام 1958 لتجمع بين أفضل صفات السلالتين، تتميز حبوب باكامارا بحجمها الكبير، مما يجعلها محط أنظار عشاق القهوة، وتُعتبر من السلالات النادرة التي تحقق نتائج استثنائية في المسابقات العالمية مثل كأس النخبة.
لكن التميز لا يُولد بسهولة، فضريبة الأحلام، الفقد والعقبات.. على مدار أكثر من عقد، واجه خورخي تحديات عديدة، من أزمات السوق إلى فقدان الأخ والشريك خوسيه روبيرتو، لكن خورخي واصل الطريق بإصرار لا يعرف التراجع، وكان هذا التفاني هو ما جعل المزرعة واحدة من الأسماء الأكثر تميزًا في عالم القهوة.
هنا في الأرض التي تصنع الفرق
مزرعة سانتا روزا ليست مجرد قطعة أرض؛ إنها نظام بيئي متكامل، تمتد على 56 هكتارًا، منها 20 هكتارًا مزروعة بقهوة من الدرجة المختصة، تتربع على ارتفاعات تبدأ من 1600 متر فوق سطح البحر، حيث الهواء النقي والمناخ المثالي، وتتغذى تربتها الطينية الغنية بالأمطار التي تتراوح بين 2000 و2500 ملم سنويًا، حيث غابات الصنوبر المحيطة التي توفر ظلاً بنسبة 30-40%، لتمنح القهوة بيئة مثالية للنمو، منذ انطلاقها، وخصوصًا في العقد الأخير، كانت المزرعة عضوًا رئيسيًا في مزادات كأس النخبة، وهي المسابقة العالمية التي تُعد المقياس الأهم للجودة في عالم القهوة، على مدار السنوات، حققت سانتا روزا سلسلة من النجاحات الباهرة:
2011: المركز الخامس – 90.69
2013: المركز العشرون – 85.77
2014: المركز الثاني عشر – 86.97
2015: المركز الثامن – 88.32
2016: المركز الأول في Project Origin
2017: المركز الأول – 91.28
2018: المركز الثالث – 90.57
2019: المركز الأول – 90.6
2020: المركز العاشر – 88.5
2021: المركز الثاني عشر – 88.5
2022: المركز الثاني – 90.36
اليوم، بهذا السجل الاستثنائي الذي يؤكد أن سانتا روزا أكثر من مجرد مزرعة أو قهوة؛ بل صرح للجودة المستدامة على مدار سنوات، إنها حكاية عن الشغف الذي يصمد، والتميز الذي يُزرع ليُحصد.